قصة قصيرة عن الرضى
العامل الفقير وقطعة النقود الذهبية
ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻭﻛﺎﻥ من الطبيعى ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ سعيدا لما ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻣﻦ ﺧﻴﺮﺍﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﺭﺍﺽٍ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺫﺍﺕ ﺻﺒﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﻐﻨﻲ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻭﻧﻌﻮﻣﺔ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ، ﻓﺘﻄﻠﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻧﺤﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻓﻮﺟﺪﻩ ﺧﺎﺩﻣًﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻳﻨﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .
ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﺎﻩ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﺩﻡ ﻭﺩﺧﻠﻪ ﻗﻠﻴﻞ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻔﻴﻪ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﺎﻥ ﺑﺘﺄﻣﻴﻦ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﻣﺄﻭﺍﻩ ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻷﻣﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻑ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻗﺎﻧﻊ ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ!
ﻓﻨﺎﺩﻯ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﻭﺭﻭﻯ ﻟﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ... ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﻟﻪ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺑﺈﻧﺼﺎﺕ ﺷﺪﻳﺪ ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻮﺿﻊ 99 ﻋﻤﻠﺔ ﺫﻫﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻴﺲ ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﻴﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ.
ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﻋﻤﻞ ﺑﻜﻼﻡ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﻭﺍﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺛﻢ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻓﻄﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﻧﺎﺩﻯ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﺲ، ﺛﻢ ﻗﻔﻞ ﺑﺎﺏ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﻣﺮ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﺑﺎﻟﻨﻮﻡ، ﻭﺟﻠﺲ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻭﻟﺘﻪ ﻳﻌﺪّ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻮﺟﺪﻫﺎ 99 ﻗﻄﻌﺔ ...
ﻓﺎﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﻗﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ، ﻓﻘﺎﻡ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻜﻪ ﺍﻟﺘﻌﺐ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺳﻮﻑ ﺃﻋﻤﻞ ﻭﺃﺷﺘﺮﻱ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪﻱ 100 ﻗﻄﻌﺔ ﺫﻫﺒﻴﺔ.
ﻭﺫﻫﺐ ﻟﻴﻨﺎﻡ، ﻓﺎﻧﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻣﺘﺄﺧﺮًﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻓﺄﺧﺬ ﻳﺴﺐّ ﻭﻳﻠﻌﻦ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻳﺼﺮﺥ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻻﺩﻩ، ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻣﻨﻬﻚ ﺗﻤﺎﻣًﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎﺀ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺘﺬﻣﺮ ﻭﻋﺼﺒﻴﺔ ﻭﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ...
ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻮﺯﻳﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﻋﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻴﻄﺮ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺩﻣّﺮﻫﺎ ﻭﺃﻧﻬﻜﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻄﻤﻮﺡ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﻣﺤﺒﺐ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻣﻬﻠﻚ ... ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﻼ ﺿﻌﻒ ﻭﻻ ﻛﺴﻞ، ﻭﻃﻤﻮﺡ ﺑﻼ ﻧﻬب ﻭﻻ ﻃﻤﻊ.
قصة العامل الفقير و قطعة النقود ، قصة عن الرضى ،قصة عن القناعة .
ليست هناك تعليقات